تتصاعد الأضواء من جديد حول النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، لكن هذه المرة بعيدًا عن كرة القدم. فبدلًا من الاحتفاء بأهدافه وتمريراته الساحرة، يجد نفسه اليوم في مواجهة أزمة قانونية تُهدّد راحته في فيلته الفاخرة بجزيرة إيبيزا الإسبانية. بدأت السلطات المحلية تحقيقًا رسميًا في ملف العقار وسط شبهات بوجود مخالفات في البناء داخل منطقة محمية بيئيًا.
أما الصدمة الكبرى، فهي أن القضية لا تتعلق فقط بالخرائط الهندسية، بل تتجاوزها إلى تساؤلات أعمق حول مدى التزام المشاهير بالقوانين العمرانية في وجه النفوذ والمال. وبينما يحاول ميسي الدفاع عن سمعته، تتجه الأنظار نحو مستقبل قصره الذي قد يتحول قريبًا إلى ركام إذا ثبتت المخالفات.
١- خلفية القضية العقارية
تبدأ الحكاية من فيلا فاخرة اشتراها ميسي عام 2022 في واحدة من أجمل مناطق إيبيزا، بقيمة وصلت إلى نحو 11 مليون يورو. غير أنّ تقارير صحفية، أبرزها من صحيفة إيه بولا الإسبانية، كشفت أن البناء شمل تعديلات لم تُدرج في المخطط الأصلي، منها مرآب تحت الأرض وغرف إضافية في الطابق السفلي. هذه التعديلات دفعت السلطات لفتح تحقيق رسمي، بعدما رفضت منح شهادة الصلاحية للعقار.
تتابع السلطات المحلية الملف بدقّة، مُعتبَرة أن التعديلات تُخالف قانون التخطيط العمراني المعمول به في الجزيرة. وإذا ثبتت المخالفات، فالقانون يفرض على المالك إزالة الأجزاء غير المرخّصة أو مواجهة الهدم الإداري.
٢- دفاع ميسي وموقف محاميه
من جانب آخر، يؤكد المقربون من النجم الأرجنتيني أنّ ميسي لم يكن على علم بهذه المخالفات عند شراء العقار، إذ أتمّ الصفقة بطريقة قانونية عبر وكلاء مختصّين. كما أوضح فريقه القانوني أنّ التعديلات المشكو منها تعود إلى المالك السابق، وليس إلى ميسي نفسه.
ومع ذلك، فإنّ القانون الإسباني يعتبر المالك الحالي مسؤولًا عن تصحيح أي مخالفات قائمة على العقار، ما يعني أن النجم الأرجنتيني قد يتحمّل التبعات المالية والمعمارية حتى لو لم يكن هو من نفّذ تلك الإضافات. لذلك، بدأ فريقه القانوني مفاوضات مع السلطات في محاولة لتسوية الوضع قبل اللجوء إلى القضاء.

٣- جدل بيئي يفتح ملف المشاهير في إيبيزا
لم تتوقف القضية عند الجوانب القانونية، بل تحوّلت إلى نقاش بيئي واسع داخل الجزيرة. فالنشطاء البيئيون وجدوا في ملف ميسي مثالًا جديدًا على ما يسمّونه “الاستحواذ العقاري للمشاهير”، أي تحويل المناطق الطبيعية إلى مشاريع فاخرة مغلقة تدمّر توازن البيئة المحلية.
في السنوات الأخيرة، شدّدت بلدية إيبيزا الرقابة على عمليات البناء ضمن المناطق المحمية، وفرضت شروطًا صارمة على أي توسّع عمراني. ورغم ذلك، تتزايد الشكاوى من تجاوزات يقوم بها رجال أعمال وفنانون يسعون وراء الرفاهية على حساب البيئة. ويبدو أنّ فيلا ميسي أصبحت رمزًا لهذا الجدل المستمرّ.
٤- ميسي بين التألق الرياضي والعاصفة القانونية
ورغم الضجيج الإعلامي المحيط به، يواصل ليونيل ميسي تقديم أداء مذهل في الملاعب الأمريكية. فقد قاد فريقه إنتر ميامي إلى سلسلة انتصارات لافتة، وسجّل هدفين وصنع آخر في فوز كبير على أتلانتا يونايتد (٤-٠). لكنّ هذا التألق لا يمنع ظلّ الأزمة من ملاحقته في حياته الخاصّة، حيث ينتظر الجميع قرار السلطات الإسبانية في الأسابيع المقبلة.
بين النجاح الرياضي والقلق القانوني، يعيش ميسي مرحلة دقيقة تتطلّب توازنًا بين صورته كنجم عالمي ومواطن يخضع للقانون. هذه الحادثة قد تشكّل درسًا جديدًا حول مسؤولية المشاهير في التعامل مع ممتلكاتهم بشفافية واحترام للبيئة.
تُظهر قضية فيلا ميسي في إيبيزا أن الشهرة لا تضع أحدًا فوق القانون. فمهما بلغ النفوذ أو النجاح، تبقى القوانين البيئية والعمرانية خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه. ومع أنّ التحقيق لم يُحسم بعد، إلا أنّ القصة أعادت فتح نقاشٍ واسع حول العلاقة بين الثراء والمسؤولية.