غرناطة تُنصت لنبض الفلامينكو وتفتح قلبها لأول بينالي يُغنّي فيها الزمن.

تستعد مدينة غرناطة الأندلسية لاحتضان أول نسخة من بينالي الفلامينكو، الحدث الثقافي الذي يُعدّ علامة فارقة في المشهد الفني الإسباني، ويُقام في الفترة من 5 إلى 27 سبتمبر 2025. هذه المبادرة الجديدة تأتي لتُعزّز مكانة غرناطة كواحدة من أهم الحواضر الفنية في إسبانيا، وتُعيد تسليط الضوء على تراث الفلامينكو العريق الذي ينبض في شوارعها وساحاتها.

حدث فني بمشاركة كبار رموز الفلامينكو

البرنامج الفني للبينالي يُعدّ استثنائيًا، إذ يجمع بين أسماء بارزة في عالم الفلامينكو، من بينهم عازف الغيتار الشهير “توماتيتو” والمغنية الأسطورية “كارمن ليناريس”، إلى جانب مجموعة من الفنانين الشباب الذين يمثلون الجيل الجديد من هذا الفن العريق. هذه التوليفة بين الأصالة والتجديد تُعطي للحدث طابعًا فنيًا متوازنًا، يُرضي جمهور الفلامينكو التقليدي ويجذب المهتمين بالتجارب المعاصرة.

الفلامينكو كهوية ثقافية نابضة

اختيار غرناطة كموقع للبينالي لم يكن اعتباطيًا، بل نابع من عمق ارتباط المدينة بالفلامينكو، سواء من حيث التاريخ أو الجغرافيا أو الروح. فالأحياء القديمة مثل “ألبايثين” و”ساكرومونتي” لطالما كانت مسرحًا حيًا لهذا الفن، حيث تختلط الموسيقى بالغناء والرقص في مشهد تعبيري فريد. البينالي يأتي ليُكرّس هذا الارتباط، ويُحوّل المدينة إلى منصة دولية للفلامينكو، تُخاطب العالم بلغتها الفنية الخاصة.

برنامج متنوع بين العروض والحوارات

الفعاليات لا تقتصر على العروض الفنية فقط، بل تشمل أيضًا ندوات فكرية، لقاءات مفتوحة مع الفنانين، ورش عمل تعليمية، مما يُحوّل البينالي إلى مساحة تفاعلية تجمع بين الأداء والتأمل. الجمهور سيكون على موعد مع عروض تُقام في مسارح تاريخية مثل “كورال ديل كاربون” و”مسرح إيسابيلا الكاثوليكية”، إلى جانب فضاءات مفتوحة تُتيح للجمهور التفاعل المباشر مع الفنانين.

دعم مؤسسي ورؤية مستقبلية

الحدث يحظى بدعم واسع من المؤسسات الثقافية المحلية، وعلى رأسها بلدية غرناطة، التي ترى في البينالي فرصة لتعزيز السياحة الثقافية وتنشيط الاقتصاد المحلي. كما يُمثّل البينالي خطوة أولى نحو ترسيخ تقليد فني دوري، يُقام كل عامين، ويُسهم في بناء هوية فنية متجددة للمدينة.

الفلامينكو بين التراث والتجديد

الرسالة التي يحملها البينالي تتجاوز حدود العرض الفني، لتُعبّر عن رؤية ثقافية ترى في الفلامينكو فنًا حيًا، قادرًا على التطوّر دون أن يفقد جذوره. من خلال المزج بين الأسماء الكبيرة والتجارب الجديدة، يُقدّم البينالي نموذجًا لفن يُحافظ على روحه، ويُخاطب الأجيال القادمة بلغة معاصرة.

في النهاية، يُعدّ بينالي الفلامينكو في غرناطة حدثًا ثقافيًا واعدًا، يُعيد الاعتبار لفنٍ عميق الجذور، ويُكرّس المدينة كمنصة عالمية للفن والتعبير. وبين أصوات الغيتار، وخطوات الراقصين، وحنجرة المغنين، تنبض غرناطة من جديد بلغة الفلامينكو، وتفتح أبوابها للعالم كي يُصغي إلى نبضها الفني.

شارك على: