لماذا نحلم؟ ٧ نظريات في تفسير سبب الأحلام

منذ آلاف السنين، ظلّت الأحلام لغزًا يثير فضول الإنسان، ويشغل العلماء والفلاسفة على حدّ سواء. ورغم التقدّم الكبير في علوم الدماغ والنوم، لا تزال وظيفة الأحلام غير محسومة علميًا، لكن هناك مجموعة نظريات تحاول تفسير هذا النشاط العقلي الغريب الذي يحدث أثناء النوم، خاصة خلال مرحلة حركة العين السريعة، حيث تكون الأحلام أكثر وضوحًا وتفصيلًا.

الأحلام كوسيلة لمعالجة المشاعر

إحدى النظريات الشائعة ترى أن الأحلام تلعب دورًا في تنظيم المشاعر والتعامل مع التوترات النفسية. فالأحلام قد تكون مساحة آمنة للعقل كي يُعيد ترتيب الانفعالات، ويُخفّف من حدّة التجارب العاطفية التي مرّ بها خلال اليوم. هذا التفسير يُعزّز فكرة أن الأحلام ليست مجرد صور عشوائية، بل لها وظيفة نفسية عميقة.

الأحلام كمساعد للتعلّم وحل المشكلات

بعض الباحثين يعتقدون أن الأحلام تُساعد الدماغ على تعلّم مهارات جديدة أو تحسين الأداء في المهام المعقّدة. عندما ينشغل الإنسان بتعلّم شيء جديد أو يواجه تحديًا ذهنيًا، قد يظهر ذلك في أحلامه، وكأن العقل يُعيد محاكاة الموقف ليُعزّز الفهم أو يُمهّد لحلٍّ مبتكر.

الأحلام ودورها في ترسيخ الذكريات

نظرية أخرى تربط الأحلام بعملية ترسيخ الذكريات. فخلال النوم، خاصة في مرحلة REM، يُعيد الدماغ ترتيب المعلومات التي اكتسبها، ويُحوّل الذكريات القصيرة إلى طويلة المدى. الأحلام، في هذا السياق، قد تكون انعكاسًا لهذه العملية، حيث تظهر صور وأحداث من اليوم السابق بطريقة رمزية أو مشوّهة.

تنظيم المساحة الذهنية

يرى بعض علماء النوم أن الأحلام تُساعد في تنظيم المحتوى العقلي، عبر تصفية المعلومات غير الضرورية، وربط البيانات المهمة ببعضها البعض. وكأن العقل أثناء النوم يُمارس نوعًا من “التنظيف الداخلي”، يُعيد فيه ترتيب الملفات الذهنية، ويُحسّن من كفاءة التفكير لاحقًا.

الأحلام كرسائل من عوالم أخرى

في العديد من الثقافات، تُعتبر الأحلام وسيلة للتواصل مع الأرواح أو العوالم الغيبية. في الحضارات القديمة، مثل اليونانية والرومانية، كان يُعتقد أن الأحلام تُرسل من الآلهة، بينما في الثقافات الآسيوية، يُنظر إليها على أنها نابعة من أعماق الروح أو الجسد. هذه النظرة الروحية لا تزال حاضرة في كثير من المعتقدات الشعبية حتى اليوم.

الأحلام كضوضاء عصبية عشوائية

بعض العلماء يتبنّون تفسيرًا أكثر بساطة، يرون فيه أن الأحلام ليست إلا نتيجة لنشاط عصبي عشوائي في الدماغ أثناء النوم. وفقًا لهذا الرأي، لا تحمل الأحلام معنى محددًا، بل هي مجرد “ضجيج” ناتج عن عمل الدماغ المستمر، دون وظيفة واضحة.

الأحلام كتجسيد للرغبات اللاواعية

النظرية التي قد تكون الأشهر تاريخيًا هي تلك التي طرحها سيغموند فرويد، والتي ترى أن الأحلام تُعبّر عن رغبات دفينة لا يستطيع الإنسان التعبير عنها في اليقظة. الأحلام، بحسب فرويد، تُشكّل نافذة على اللاوعي، حيث تظهر الرغبات المكبوتة في شكل رمزي أو خيالي، مما يُتيح للعقل تفريغها دون رقابة.

أنواع الأحلام وتجاربها المختلفة

لا تقتصر الأحلام على نوع واحد، بل تتنوّع بين الأحلام الطائرة التي تمنح شعورًا بالحرية، والأحلام الواعية التي يُدرك فيها النائم أنه يحلم، والكوابيس التي تُعبّر عن التوتر أو الصدمات، والأحلام المتكررة التي تحمل رموزًا ثابتة، وأخرى تُنبئ بأحداث مستقبلية أو تُعبّر عن ضغوط داخلية.

كيف نتذكّر أحلامنا؟

رغم أن الجميع يحلم، إلا أن القليل فقط يتذكّر أحلامه. من الطرق التي تُساعد على استرجاع الأحلام: الحفاظ على روتين نوم منتظم، التركيز على التذكّر فور الاستيقاظ، استخدام دفتر لتسجيل الأحلام، والاستيقاظ بلطف دون منبّه صاخب، مما يُتيح للعقل الاحتفاظ ببعض تفاصيل الحلم قبل أن تتلاشى.

في النهاية، تبقى الأحلام واحدة من أكثر الظواهر غموضًا في حياة الإنسان. وبين التفسيرات النفسية، العصبية، والروحية، يظل الحلم مساحة مفتوحة للتأويل، والتأمّل، والاكتشاف. فربما لا نعرف بعد لماذا نحلم، لكننا نعرف أن الأحلام تُخبرنا بالكثير عن أنفسنا، حتى حين لا نفهم لغتها تمامًا.

شارك على:
غرناطة تُنصت لنبض الفلامينكو وتفتح قلبها لأول بينالي يُغنّي فيها الزمن.

أول بينالي للفلامينكو: غرناطة تستعد لاستقبال حدثها الفني الأبرز.

متابعة القراءة
نجوم الغناء يضيئون سماء الرياض احتفالًا باليوم الوطني السعودي الـ٩٥

إبداعات فنية وأجواء احتفالية غير مسبوقة!

متابعة القراءة