الشيخوخة المناعية وكيفية مكافحتها

مع التقدم في العمر، يضعف الجهاز المناعي تدريجيًا، مما يجعله أقل قدرة على مقاومة العدوى وأقل استجابة للقاحات. في الوقت نفسه، ترتبط الشيخوخة المناعية بحدوث التهابات مزمنة تُسهم في زيادة خطر الإصابة بمعظم الأمراض المرتبطة بكبار السن، مثل السكري وأمراض القلب والسرطان والخرف.

الشيخوخة المناعية: خلل مزدوج في الدفاعات

تؤثر الشيخوخة على فرعي الجهاز المناعي: المناعة الفطرية والمناعة التكيفية، فيما يُعرف بـ”الشيخوخة المناعية” أو Immunosenescence.

  • المناعة الفطرية، وهي خط الدفاع الأول، تفشل في التوقف بعد زوال التهديد، مما يؤدي إلى التهابات مزمنة.
  • المناعة التكيفية، المسؤولة عن تذكر مسببات الأمراض، تفقد تدريجيًا قدرتها على الاستجابة للفيروسات والبكتيريا والفطريات. هذا التدهور يُضعف قدرة الجسم على التمييز بين الخلايا الضارة والسليمة، ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والعدوى المتكررة.

الالتهاب المزمن: العدو الصامت

الالتهاب منخفض الدرجة والمستمر، المعروف باسم inflammaging، يرتبط بمعظم أمراض الشيخوخة، مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والسرطان، والزهايمر، وحتى بعض أمراض المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل الروماتويدي. تنتج الخلايا المناعية المسنّة كميات أكبر من السيتوكينات الالتهابية مثل IL-6 وTNF-alpha، مما يُسهم في تفاقم هذه الحالات الصحية.

ويُعتقد أن هذا الالتهاب المزمن يُسرّع من تلف الأنسجة ويُضعف قدرة الجسم على التعافي، مما يجعل كبار السن أكثر عرضة للمضاعفات.

تراجع المناعة التكيفية

مع مرور الوقت، يقل عدد الخلايا التائية “الخام” التي تتعرف على مسببات الأمراض الجديدة، مما يُضعف الاستجابة المناعية ويُقلل من فعالية اللقاحات، مثل لقاح الإنفلونزا السنوي. كما أن العدوى الكامنة مثل فيروس Cytomegalovirus قد تستنزف موارد الجهاز المناعي وتُضعف قدرته على مقاومة الفيروسات الأخرى. هذا التراجع يُفسّر لماذا تكون بعض الأمراض أكثر شراسة لدى كبار السن، ولماذا يحتاجون إلى استراتيجيات وقائية خاصة.

كيف نكافح الشيخوخة المناعية؟

رغم أن الشيخوخة لا يمكن إيقافها، إلا أن بعض التغييرات في نمط الحياة قد تُساعد في الحفاظ على مناعة صحية مع التقدم في العمر. الهدف ليس فقط إطالة العمر، بل تحسين نوعية الحياة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالسن.

1. النشاط البدني المنتظم

ممارسة الرياضة تُنتج بروتينات تُسمى myokines تُقلل الالتهاب وتحافظ على وظيفة المناعة. الدراسات أظهرت أن الأشخاص الأكثر لياقة لديهم عدد أقل من الخلايا التائية المسنّة، واستجابة أقوى للقاحات مثل لقاح الإنفلونزا. كما أن النشاط البدني يُعزز الدورة الدموية ويُساعد في توزيع الخلايا المناعية بشكل أكثر فعالية في الجسم.

2. اتباع النظام الغذائي المتوسطي

رغم عدم وجود دليل مباشر على تأثير النظام الغذائي في إبطاء الشيخوخة المناعية، إلا أن النظام الغذائي المتوسطي يُقلل من خطر الإصابة بالهزال العضلي والالتهاب المزمن. يتكوّن هذا النظام من:

  • كميات كبيرة من الفواكه والخضروات وزيت الزيتون
  • كميات معتدلة من الأسماك والدواجن ومنتجات الألبان
  • كميات قليلة من اللحوم الحمراء والسكريات المضافة ويُعتقد أن مضادات الأكسدة والدهون الصحية في هذا النظام تُساعد في تقليل الالتهاب وتحسين وظائف المناعة.

3. الحفاظ على وزن معتدل

الأنسجة الدهنية تُنتج ما يصل إلى 30% من السيتوكين IL-6، مما يُسهم في الالتهاب المزمن. الوزن الزائد في سن الشيخوخة قد يُضعف الاستجابة المناعية للقاحات، ويزيد من عدد الخلايا التائية المسنّة. كما أن السمنة تُرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة التي تُفاقم من ضعف الجهاز المناعي.

الخلاصة: الشيخوخة المناعية ليست قدرًا محتومًا لا يُقاوم، بل يمكن التخفيف من آثارها عبر نمط حياة نشط، تغذية متوازنة، والحفاظ على وزن صحي. ورغم أن الأبحاث لا تزال مستمرة، فإن هذه العوامل تُقدّم أملًا واقعيًا في تعزيز المناعة لدى كبار السن، ومواجهة التحديات الصحية المرتبطة بالتقدم في العمر. الوعي بهذه الظاهرة يُعد خطوة أولى نحو بناء مستقبل صحي أكثر استقرارًا لكبار السن.

شارك على:
غرناطة تُنصت لنبض الفلامينكو وتفتح قلبها لأول بينالي يُغنّي فيها الزمن.

أول بينالي للفلامينكو: غرناطة تستعد لاستقبال حدثها الفني الأبرز.

متابعة القراءة
نجوم الغناء يضيئون سماء الرياض احتفالًا باليوم الوطني السعودي الـ٩٥

إبداعات فنية وأجواء احتفالية غير مسبوقة!

متابعة القراءة