الصحة النفسية ووسائل التواصل الاجتماعي: كيف يُشكّل تيك توك وإنستغرام ثقافة التشخيص الذاتي

بات كثيرون في عصرنا الحديث يعتمدون على تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام لتشخيص حالتهم النفسية. هذه الظاهرة، التي يُطلق عليها اسم التشخيص الذاتي (self‑diagnosis)، تحوّلت إلى ثقافة رائجة بين جيل يشغله الوعي النفسي، لكنها في الوقت ذاته خلقت عالمًا من المخاطر والقرارات المضللة. هذا المقال يستعرض ظاهرة التشخيص الذاتي عبر منصات التواصل، وفوائدها الظاهرة، ومخاطرها المضمرة، وكيف يمكننا التعاطي معها بعقل واعٍ.

من العالمية إلى “مختبر السوشال”: كيف بدأ هذا الانتشار؟

في غضون سنوات قليلة، أصبحت محتويات الصحة النفسية على تيك توك وإنستغرام من أكثر المحتويات انتشارًا، حيث يتشارك الأشخاص تجاربهم الشخصية مع القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات الانتباه مثل. وبحسب معطيات بحثية، يعتمد نحو ثلث مستخدمي تيك توك على هذه الفيديوهات لتكوين فهم أولي حول أعراضهم وتشخيصها، غالبًا من أشخاص غير مختصين. يرتكز هذا النمط على الرغبة في فهم الذات بسرعة، خصوصًا في ظل ارتفاع حاجز الوصول إلى مختصين أو الرغبة في تجنّب الخجل المرتبط بالتشخيص الرسمي.

الفائدة المتوقَّعة والوقوع في فخ التشخيص الزائف

في جانب إيجابي من المشهد، قد توفر محتويات التشخيص الذاتي إحساسًا بالانتماء والوضوح، خصوصًا للأشخاص الذين نادرًا ما حظوا بفرصة التعبير عما يشعرون به. وفقًا لبعض الدراسات، فإن هؤلاء المستخدمين يرجعون إلى محتوى مشابه لحالتهم، فيشعرون بأنهم “غير وحدهم. كما اعتبرت بعض الدراسات أن هذه الممارسة قد تساعد الأشخاص، خاصة النساء، في الإحساس بأنهم يعانون من أشياء ذات صلة بتجاربهم اليومية.

لكن المشكلة تنشأ عندما تُستخدم هذه التوصيفات كمقياس تشخيص مهني؛ إذ تُسجّل حالات من تشخيص غير دقيق، أو الاستهانة بالحالات الحقيقية التي تحتاج متابعة طبية.

لماذا قد تكون آلية التشخيص الذاتي مضللة؟

  • عند مشاهدة فيديو واضح مرتبط بأعراض الاكتئاب أو القلق، فإن الدماغ يميل إلى اعتبار ما نراه أكثر احتمالًا لنا، حتى لو كان المرض نادرًا فعليًا.
  • هذا يزيد من فرص التشخيص الذاتي غير الدقيق. ويضيف إلى ذلك ثقافة الرومانسية المرضية التي ترى في الاضطرابات النفسية شيئا جذابًا أو مميّزًا بين فئة المراهقين والشباب.
  • ونتيجة لذلك، قد يبدأ الشخص في محاولة “تجريب الأدوار” عبر مواقع التواصل وارتباطه بمجتمعات افتراضية تنتمي لتشخيص معين، دون مراجعة طبية حقيقية.

مخاطر حقيقية

تذكر الدراسات أن أكثر من نصف المحتوى الشائع على تيك توك لا يتوافق مع المعايير الطبية، وقلّة ممن يقدّمون المعلومات يذكرون مؤهلاتهم المهنية. والناتج؟ تضليل يعوق من يبحث فعلاً عن تشخيص دقيق، ويضعف الثقة فيمن يستعين بلجوء رسمي للعلاج.

كذلك، الاعتماد الزائد على السوشال قد يحرم بعض الأشخاص من الانتباه إلى حالات حقيقة، ويؤخر طلب الدعم العلاجي المناسب.

مستقبل ثقافة التشخيص الذاتي… هل هناك أمل؟

تدرس الجامعات الآن طرقًا تقنية جديدة، مثل روبوتات “شات بوت” للتحقق من الأعراض بطريقة تقلّل من التحيّز أو التضخيم الذهني، وتساعد المستخدِم على التمييز بين فضول المعرفة والاستغراق المرضي. كما بدأت بعض المنصّات الصحية إطلاق مقاطع فيديو قصيرة تعتمد التحقق السريري.

خلاصة رحلتنا: التشخيص الذاتي ثقافة في تطور

ساعد المحتوى الصحي على تيك توك وإنستغرام في كسر حواجز التوعية، لكنه أيضًا فتح أبوابًا كبيرة على عالم التشخيص الذاتي. هذه الثقافة مفيدة إن استخدمت كعلامة استفهام تُحفز على البحث المهني، وليس كعنوان نهائي للتشخيص.
في عصر المعلومات السريعة، تظل العلاقة مع المختص الحقيقي هي الضمان الوحيد ألا نقع فريسة للتشخيص الزائف… وأن نعالج صحتنا بعقلنا قبل أن نعالج أعراضنا بمنصات غير مهنية.

شارك على:
أنباء ارتباط جيم كيرتس بجينيفر أنيستون تثير الجدل.. وحبيبته السابقة تخرج عن صمتها

أثارت تقارير العلاقة العاطفية بين نجم التنمية الذاتية جيم كيرتس…

متابعة القراءة
الإعلامي السعودي ياسر السقاف خلفاً لمصطفى الأغا..

أعلنت قناة MBC1 رسميًا عن تعيين الإعلامي السعودي ياسر السقاف…

متابعة القراءة