مهرجان جرش 2025… أصداء الحضارة في ليالي الأردن

منذ انطلاقه عام 1981، تحوّل مهرجان جرش إلى حدث ثقافي وفني عربي وعالمي يترقبه الجميع كل صيف. ففي قلب المدينة الأثرية التي تحمل بين حجارتها آلاف السنين من الحضارة الرومانية والبيزنطية والإسلامية، يجتمع الفنانون والجمهور ليعيدوا إحياء مدرجاتها بالأغاني والموسيقى والشعر.

وما يميّز جرش أنه لم يكن يومًا مجرد مهرجان ترفيهي، بل جاء ليجسد الهوية الثقافية الأردنية كجسر تواصل حضاري بين الشرق والغرب، بين الماضي والحاضر، ليحافظ على التراث ويشجّع الفنون المعاصرة في آنٍ معًا.

ولهذا يُعد رمزًا للهوية الأردنية المتجددة التي تحتفي بتاريخها دون أن تنفصل عن حداثتها، ما يجعله منصّة سنوية لتبادل الثقافات والخبرات بين الفنانين العرب والعالميين.

العروض الفنية والموسيقية هذا العام

يتميّز مهرجان جرش 2025 ببرنامج فني حافل يليق بتاريخ المكان، حيث يحيي نجوم الطرب العربي أمسيات مبهرة على المسرح الجنوبي الشهير بأعمدته الرومانية الشامخة وصوته الصدّاح.

ويشهد هذا العام مشاركة أصوات شابة صاعدة من الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، تقدم أجمل الأغنيات التراثية والمعاصرة بروح جديدة تلامس القلوب. كما يشارك فنانون عالميون بفرق موسيقية تمزج آلات الشرق التقليدية كالعود والقانون والناي بآلات الغرب الحديثة مثل الكمان الكهربائي والساكسفون، لتخلق مقطوعات فنية تدهش الحاضرين وتمنحهم تجربة موسيقية عابرة للثقافات.

لا تقتصر العروض على الطرب فقط، بل تشمل حفلات موسيقى الجاز العالمية والعروض الأوركسترالية الكلاسيكية التي تضفي على ليالي جرش سحرًا راقيًا يوائم عظمة المكان.

أمسيات الشعر والأدب

لا يكتمل مهرجان جرش دون الأمسيات الشعرية التي يحضرها كبار شعراء الأردن والعالم العربي، والذين تتجدد قصائدهم كل عام لتروي حكايات جديدة عن الحب والوطن والإنسان.

تمتزج هنا قصائد الحب والحكمة والهوية الوطنية، فتُلقى في أروقة الأعمدة التاريخية، وكأن صدى الحروف يتغلغل في حجارة المدرجات العتيقة. كما تُقام جلسات حوارية أدبية وورش عمل للكتاب الشباب، تُناقش خلالها قضايا الكتابة الإبداعية، ودور الأدب في الحفاظ على الهوية الثقافية وسط العولمة، وتسلط الضوء على أحدث الإصدارات الشعرية والنثرية التي تعبّر عن نبض المجتمع وتطلعاته.

عروض الفلكلور والرقص الشعبي

تحتل عروض الفلكلور والرقصات الشعبية موقعًا مميزًا في المهرجان، حيث تتمايل الدبكة الأردنية على أنغام الربابة والمجوز في مشهد يفيض بالبهجة والهوية الأصيلة.

تؤدي فرق الرقص الشعبي لوحات استعراضية تحكي قصص الصحراء والسهول والجبال الأردنية، بدءًا من رقصة السيوف البدوية وحتى رقصات القرى الفلاحية. ولا يقتصر الأمر على الأردن، بل يشارك في المهرجان هذا العام فرق فلكلورية عربية من فلسطين وسوريا والعراق ومصر، تقدم عروضها التراثية بملابسها التقليدية وأغانيها الأصيلة، فتمنح الحضور فرصة نادرة لاكتشاف تنوّع التراث العربي على خشبة مسرح واحد، وكأن المهرجان يتحول إلى خريطة حية للوطن العربي كله.

الأثر الاقتصادي والثقافي للمهرجان

على مدى سنواته، ترك مهرجان جرش أثرًا اقتصاديًا مهمًا على المدينة والمنطقة المحيطة، إذ تنشط الحركة السياحية والتجارية في الموسم، فتزدهر الأسواق القديمة المليئة بالمصنوعات اليدوية والحرفية والمأكولات الشعبية، وتكتظ المطاعم والفنادق والمقاهي بالزوار العرب والأجانب.

كما تنشط شركات السياحة المحلية التي تنظم رحلات يومية وجولات تراثية وتاريخية لضيوف المهرجان. أما ثقافيًا، فيُعيد المهرجان إحياء هوية جرش كمدينة ثقافية نابضة بالحياة، ويمنح الفنانين والمبدعين الأردنيين منصة للقاء جمهور واسع يقدّر فنونهم ويشجعهم على المزيد من الإبداع، مما يعزز الاقتصاد الإبداعي المحلي ويرسّخ الأردن على خارطة المهرجانات الفنية العالمية.

لمسة ختامية… جرش روح الحضارة العربية جرش ليست مجرد مدينة أثرية، بل روح الحضارة العربية التي لا تنطفئ. وفي كل صيف، حين تُضاء مدرجاتها ويعلو التصفيق وتنساب الأشعار والموسيقى، يثبت مهرجان جرش أنه احتفال بالإنسان والمكان والزمان معًا.

هو وعدٌ متجدد بأن الفن هو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، ويصوغ المستقبل ببهاء وأمل، ليظل الأردن منارة ثقافية تضيء الطريق أمام الأجيال المقبلة بحضارة تعتز بجذورها وتنفتح على العالم بثقة واعتزاز.

شارك على:
جاستن بيبر يستعد للعودة القوية بألبوم “SWAG”.

بعد غياب استمر أكثر من أربع سنوات، يعود النجم العالمي…

متابعة القراءة
أسرار صناعة التوربيون في ساعات النخبة

التوربيون تحفة فنّية تتحدى الجاذبية

متابعة القراءة