متى تبدأ الشيخوخة؟ يقول العلم إنها تبدأ متأخرة أكثر مما تظن

لطالما ارتبطت فكرة الشيخوخة بتاريخ وعام ولادتك على الهوية. لكن العلم الحديث يرفض اعتبار العمر الزمني المؤثّر الوحيد في سيرورة الشيخوخة. باحثون في مجال الشيخوخة اليوم يؤكدون أن السن البيولوجي مدى تضرّر خلايانا وقدرتنا الوظيفية هو المقياس الأوثق. وهذا يعني أن الشيخوخة ليست توقيتًا ثابتًا تنزع فيه بدنك عن الشباب، بل عملية تتسارع أو تتباطأ بحسب أسلوب حياتك، وبيئتك، واهتمامك بصحتك. في هذا المقال نكشف ماذا تعني هذه البصمة البيولوجية، ولماذا يقول العلم إنّ الشيخوخة غالبًا ما تبدأ متأخرة عما نتخيله.

الشيخوخة ليست رقمًا ثابتًا

أظهرت مراجعات علمية أن ليس هناك نقطة ثابتة في العمر الزمني يمكن أن تُعتبر بداية الشيخوخة لأن الفجوة بين الأفراد كبيرة جدًا. بعض الناس في الستين قد يبدون شبابًا من حيث القدرة والحيوية، بينما آخرون في الأربعين قد يعانون أعراض الشيخوخة على المستوى الخلوي.

اليوم يفضل العلماء الاعتماد على مفهوم العمر البيولوجي biological age أي مدى تأثر الخلايا والأنسجة بالجينات، نمط الحياة، التغذية، النشاط، والتعرض للضغوط.

وهذا يفسّر لماذا كثيرون لا يشعرون بالشيخوخة حتى بعد الستين، بينما قد تظهر عند آخرين في مراحل عمرية مبكّرة لأن الجسم يضبط إيقاعه وفق العوامل المحيطة به.

موجتان مفاجئتان… ٤٤ و٥٠ سنة

دراسة حديثة لفتت الانتباه إلى أن الشيخوخة قد تتسارع في مرحلتين رئيسيتين: في منتصف الأربعين تقريبًا، ثم عند بداية الستين.

التغيرات في هذه الفترات تشمل على المستوى الجزيئي تغيّرات في البروتينات، والأيض، وجهاز المناعة، وربما في مرونة الخلايا ما ينعكس لاحقًا على بشرة الجسم، وقوة العضلات، ومرونة المفاصل، وربما استجابة الجسم للإجهاد أو الأمراض.

لكن المُثير أن هذه القفزات ليست حتمية فسرعة الشيخوخة تختلف كثيرًا بين شخص وآخر، بحسب العوامل الوراثية والبيئية.

العمر الزمني ليس حكمًا

يتبيّن أن كبار السن اليوم قد يعيشون سنوات إضافية مع قدرة هي ليست فقط طول في العمر، بل جودة في الحياة. بيان هذا الأمر ألقى بظلاله على مفهوم التقاعد التقليدي وتصوّرنا للشيخوخة.

بالتالي، ما يهم فعلاً ليس كم عمرك في جوازك، بل كيف تعيش الآن: نظامك الغذائي، نشاطك البدني، ضغطك النفسي، طريقة نومك، واهتمامك بصحة جسدك وذهنيّك.

كيف تؤخّر الشيخوخة؟ خطوات تدعم العمر البيولوجي

  • الحفاظ على نشاط بدني منتظم: الرياضة تساهم في تنظيم الأيض، تعزيز قوة العضلات، والحفاظ على مرونة المفاصل ما يبطئ التدهور الخلوي.
  • التغذية المتوازنة: استهلاك مضادات الأكسدة، الفيتامينات، البروتينات الجيدة، والدهون الصحية مهم لضمان صحة الخلايا وتجديدها.
  • تقليل الإجهاد النفسي: الضغط المزمن يسرّع من عملية الأكسدة والتلف الخلوي.
  • نوم كافٍ وجيد النوعية: النوم يسمح للجسم بإصلاح الخلايا وتجديدها.
  • متابعة الصحة بوعي: الفحوص الدورية، الفحوصات الوقائية، والانتباه لمؤشرات الصحة البيولوجية بدل الاعتماد فقط على العمر الزمني.

الشيخوخة… قرار أكثر منه رقم

قد لا يكون هناك سن محدد نقول عنده هنا تبدأ الشيخوخة. بل الشيخوخة كما يفهمها العلم اليوم هي رحلة يبقى توقيتها مرهونًا بك وبقرارك، بنمط حياتك، ووعيك بجسدك. أنت لا تتحكم في كل شيء، لكنك تملك خيار أن تؤخّر الشيخوخة، أن تبطئ تداعياتها، وربما أن تجعل من الستين مجرد رقم بين أرقام حياتك، لا معيارًا لتوقيف شغفك بالحياة. العمر الحقيقي هو الذي تعيشه لا الذي كتب على ورقة.

شارك على:
إدارة سكر الدم والوزن خلال موسم العزائم: ابقَ بصحة جيدة من دون حرمان

يمثل موسم الأعياد اختباراً حقيقياً للإرادة ولمحبي الرشاقة، حيث تزدحم…

متابعة القراءة