ما المقصود بالأيام القصيرة ولماذا تتعب العين؟
في مواسم قِلّة الضوء، وتحديدًا خلال فصل الشتاء، تقصر ساعات النهار وتطول فترات الظلام. هذا التغيّر يدفع الرجل إلى الاعتماد أكثر على الإضاءة الصناعية والقيادة ليلًا والعمل أمام الشاشات في أجواء خافتة، فتُضطر العين إلى جهد مضاعف للتكيّف بين مصادر الضوء المتباينة. تتسع الحدقة وتضيق باستمرار، وتزداد حساسية الشبكية للتباين والانعكاسات، فينشأ إرهاق الرؤية الليلية على شكل ثِقل في الجفون، تشوش خفيف، وصداع يزداد مع نهاية اليوم.

التباين الضوئي… العدو الخفي للرؤية الليلية
أحد أهم أسباب التعب البصري في الأيام القصيرة هو الانتقال المتكرر بين ظلام الخارج وسطوع الداخل، وبين شاشة مضيئة ومحيط غامق. هذا التباين يربك آلية التكيّف البصري ويبطّئ استجابة العين للأجسام والحواف، فتبدو الخطوط أقل وضوحًا وتصبح القراءة أصعب. تقليل هذا الفرق عبر ضبط الإضاءة المحيطة لتكون قريبة من سطوع الشاشة يخفّف العبء على العين ويجعل الرؤية أكثر استقرارًا، خصوصًا في المساء.
القيادة بعد الغروب وتأثير الوهج والانعكاسات
القيادة ليلًا في الشتاء تترافق غالبًا مع أمطار خفيفة، ضباب، وانعكاسات على الإسفلت، ما يزيد من وهج المصابيح ويشوّش الصورة البصرية. العين حينها تحتاج وقتًا أطول لتحديد المسافات والأجسام المتحركة، فتظهر علامات إرهاق الرؤية الليلية بسرعة. تهدئة النظر للحظات قبل بدء القيادة، وضبط زوايا الجلوس، وتنظيف الزجاج الأمامي بانتظام كلها أمور تخفف التوهج وتحسن جودة الرؤية.

الشاشات في الشتاء: متعة تكلّف العين الكثير
مع البقاء في الداخل لساعات أطول، تزداد مدة الجلوس أمام الحاسوب والهاتف، وغالبًا في إضاءة خافتة. هذا السلوك يدفع العين إلى التركيز المستمر دون فترات استرخاء كافية، فتقلّ مرونة العضلات الدقيقة المسؤولة عن التركيز. إدراج فواصل قصيرة للنظر إلى مسافات بعيدة، ورفع مستوى الإضاءة المحيطة قليلًا، يخففان من الضغط ويعيدان التوازن لآلية التركيز.

التغذية الداعمة لصحة العين في الأيام القصيرة
تلعب التغذية دورًا واضحًا في مقاومة التعب البصري، خصوصًا في فصل تقلّ فيه أشعة الشمس. الأطعمة الغنية بفيتامين A وC وE، والأحماض الدهنية الطبيعية، تدعم صحة الشبكية وتحافظ على رطوبة العين. شرب كميات كافية من الماء كذلك يمنع الجفاف الذي يزيد من الإحساس بالحرقان والثقل، ما يجعل تحمّل ساعات الإضاءة الصناعية أقل ضررًا على المدى اليومي.
عادات صغيرة تصنع فرقًا كبيرًا
تعديل بسيط في الروتين اليومي قد يكون كافيًا للتقليل من إرهاق الرؤية الليلية. فتح الستائر خلال ساعات النهار القصيرة، تعريض العين لضوء طبيعي كلما أمكن، والحرص على النوم المنتظم، كلها خطوات تعيد ضبط الإيقاع البصري للجسم. كما أن فحص النظر بشكل دوري يساعد على اكتشاف أي ضعف مبكر قد يتضاعف أثره مع قِلّة الضوء.
ختاماً: في الأيام التي يقصر فيها الضوء وتطول فيها العتمة، تصبح العناية بالرؤية ضرورة لا رفاهية. إرهاق الرؤية الليلية ليس قدرًا محتومًا، بل حالة يمكن تخفيفها بوعي بسيط للتغيّر الموسمي، وباتباع عادات يومية تحترم حدود العين وحاجتها للراحة والتوازن. حين نفعل ذلك، نستعيد ليس فقط وضوح المشهد، بل صفاء الفكرة التي تقودنا خلال ساعات الليل الطويلة.



