Unfolded Layers.. معرض الطبقات المتكشّفة: رحلة أحمد أوران نحو جوهر اللون

في أعمال الفنان التركي أحمد أوران، تتجلّى اللوحة كمساحة تأمل أكثر مما هي عرض بصري. ألوانه ليست مجرد اختيار جمالي، بل هي انعكاس لزمنٍ متراكم، وعاطفة تتكثّف في كل طبقة كما تتكثف التجارب الإنسانية ذاتها. بين فيينا وإسطنبول، يبني أوران عالمه الفنيّ بخطابٍ بصريّ يجمع بين الحضور الهادئ للّون وحركة الضوء التي تمنح اللوحة حياةً داخلية يصعب وصفها بالكلمات.

يحمل معرضه الجديد “الطبقات المتكشّفة” (Unfolded Layers) عنوانًا يثير في النفس شعورًا بالسَّكِينة والفضول معًا. إنه عنوان يحمل طابعًا تأمليًا نادرًا، ويقترب من الشعر البصري أكثر مما يقترب من اللوحة المادية. ليدعو المشاهد إلى النظر في العمق ليس في السطح، وإلى الإصغاء لما تقوله الألوان حين تلتقي بالصمت. كل لوحة تبدو كنافذة على الداخل، على ما يتوارى خلف الضوء، على أثرٍ تركه الزمن ولم يمحه.

كان لنا مع الفنان أحمد أوران هذا الحوار الذي يكشف كيف تتحول الطبقات عنده إلى رحلة نحو الجوهر، وكيف تتشكّل تجربته بين الصمت واللون، بين البساطة والغموض:

“الطبقات المتكشّفة – Unfolded Layers” يبدو عنواناً غنياً بالدلالات. ما الذي جذبك لاستكشاف مفهوم “الطبقات”، وماذا تمثل هذه التطورات في رحلتك الفنية؟

الطبقات بالنسبة لي هي آثار تتشكل عبر تراكم الزمن والتجارب والمشاعر. كل طبقة تمثل وسيلة للوصول إلى الجوهر الكامن خلف ما هو مرئي — ذلك هو الجزء الجوهري من الرسم نفسه. “الطبقات المتكشّفة” تدور حول الكشف عن هذا الجوهر تدريجيًا.

كثيرًا ما تُعرَّف أعمالك بتفاعل الضوء واللون والملمس. هل ترى أن هذه العناصر أصبحت لغتك البصرية الخاصة، أم أنها تتطور مع كل مرحلة جديدة في حياتك الفنية؟

في البداية، كانت هذه العناصر جزءًا من بحثي عن لغة شخصية. مع مرور الوقت، تطوّرت كما تتطوّر الحياة نفسها. أصبح الضوء واللون والملمس لغة حية تتنفس معي؛ تتغير، لكن جوهرها يبقى.

أثناء التحضير لمعرض “الطبقات المتكشّفة”، هل جرّبت استخدام مواد أو تقنيات جديدة بالمقارنة مع معارضك السابقة؟ ما الابتكارات التي تميّز هذا المعرض عن غيره؟

في هذا المعرض ركّزت أكثر على فكرة نفاذية السطح. منحت الألوان حرية الاندماج، فخفّفت الحدود بين الطبقات، وبهذا بدأت اللوحة تولّد ضوءها الداخلي الخاص.

رغم حيويّة الألوان في أعمالك، إلا أنها تنقل شعورًا بالسكينة.هل تسعى عمداً إلى خلق توازن بين العاطفة والسيطرة التقنية؟

نعم، أسعى دائمًا إلى هذا التوازن. الرسم بالنسبة لي شكلٌ من أشكال الصمت، والحركة داخل اللون هي السبيل إلى تجسيد الصمت ليصبح بذلك مرئيًا. العاطفة والسيطرة هما كأنفاسٍ متكاملة، تكمل إحداهما الأخرى.

في السنوات الأخيرة، أصبح الفن التجريدي التركي يحظى باهتمام دولي متزايد. كيف ترى موقعك ضمن هذا المشهد المتطور، خاصةً في علاقتك بالجيل الجديد من الفنانين؟

أرى نفسي في نقطة تحول بين الماضي والحاضر، بين المحلي والعالمي. العمل بين فيينا وإسطنبول يضعني بطبيعة الحال في هذا التقاطع. هناك حوار جميل بيننا وبين جيل الشباب: فهم يبثون الطاقة، ونحن نشارك الخبرة.

وأخيراً، إذا أردت أن تترك للزائر رسالة واحدة بعد مشاهدة المعرض، فما الذي تودّ أن يبقى في ذاكرته بعد مغادرته القاعة؟

إن كان هناك شيءٌ أتمناه، فهو أن يشعروا بالنور الهادئ في العمل، ولو للحظة واحدة. لأن هذا النور يلامس الجوهر الكامن في داخلنا جميعًا.

بين الصمت والضوء… تكتمل الدائرة

في نهاية الحوار، يبدو أن تجربة أحمد أوران لا تُختصر في التقنية أو اللون، بل تمتد إلى مساحة أعمق، حيث تتلامس الفكرة مع الإحساس. لوحاته تُشبه الزمن في هدوئه وتحوّله، وتبدو كأنها تستدعي المشاهد ليصغي إلى الضوء قبل أن يراه. في “الطبقات المتكشّفة”، يصبح الرسم لغةً للتأمل، وجسرًا بين العزلة والاتصال، بين ما يبدعه الفنان وما يتركه لنا من أثرٍ طويل.

شارك على:
كيف تعتمد فنّ تنسيق الطبقات هذا الموسم؟

تنسيق الطبقات ليس مجرد حلّ للبرد، بل أسلوب يضيف عمقاً…

متابعة القراءة
ماذا تعرف عن الآثار الصحية العقلية لعلاج السرطان لدى الرجال؟

فهم تأثير علاج السرطان على الصحة العقلية.

متابعة القراءة
أندر السيارات في العالم تسرق الأنظار بثمنها الخيالي وتصميمها الأسطوري

تصميمات لا تتكرّر إلا مرة في العمر!

متابعة القراءة