بالنسبة للوكاس تريمسال، المستقبل هو أهمّ مصادر الإلهام. يكشف المصمّم المقيم في باريس وبيروت عن سعيه وراء الحرية بدلاً من الأمان، وعن إعادة تعريف الأسلوب كاكتشاف للذات، وإنشاء مجمتع يكون فيه للموضة طابعٌ شخصي.
مررت بمسيرتك المهنية بأدوار وقطاعات مختلفة ـ ما هي اللحظة التي غيّرت كلّ شيء بالنسبة لك؟
إحدى اللحظات التي فتحت عينيّ كانت بعد تخرّجي من المدرسة مباشرةً. كنت قد حصلت للتو على شهادتي في باريس، وكنت متشوّقاً للعودة إلى بيروت، حيث حصلت على وظيفة كمساعد للمدير الإبداعي لدى علامة تجارية للجنسين ـ وكانت مؤسّسة صغيرة جداً علّمتني كلّ شيء. أظهرت لي تلك التجربة ما هو ممكن، ورغم أنّني شككت في توجّهي أحياناً بعد ذلك، إلا أنّني أعلم أنّ هناك بدأ كلّ شيء.
ما الذي يلهمك الآن ـ الكتب، الموسيقى، الفنّ، أو حتى مدينة تُغذي إبداعك؟
الآن، أستلهم من المستقبل. ورغم حنيني للماضي، إلا أنّني متمسّك بأملي بقدوم أيامٍ أكثر إشراقاً، وهذه الإيجابية تُغذّيني. كفنان، كلّ شيء يُلهمني، خاصةً في موطنَيْ باريس وبيروت، حيث يُشعِرني إيقاع المدينتين بالطاقة، وأشاهد سحرهما باستمرار. لكن هذا يبدو لي جديداً، فلأول مرّة، أُصمّم وأنا أتطلّع إلى المستقبل، ولا أتأمّل الماضي فحسب.

ما هو أخطر قرار مهني اتخذته، وكيف كانت آثاره عليك؟
رفضتُ ذات مرّة وظيفةً في شركةٍ بباريس كانت ستضمن لي مستقبلاً باهراً وترسم لي طريقاً واضحاً في هذا المجال. نظرياً، لكان هذا الخيار الآمن، لكنّه لم يكن قدري؛ كنتُ أعلم في أعماقي أنّ حلمي يتطلّب الحرية، لا الأمان. هذا القرار يُشكّل كلّ شيء ـ الأشخاص الذين ألتقي بهم، والتجارب التي أعيشها، والعمل الذي أُكرّس نفسي له يومياً. كانت مخاطرةً، لكنّها علّمتني أنّ استماعك إلى حدسك يُؤتي ثماره دائماً.
كيف تتعامل مع الأناقة ـ هل هي استراتيجية، أم غريزية، أم مجرّد شعور بالرضا عما ترتديه؟
بالنسبة لي، الأناقة هي الشعور بالرضا عما أنتَ عليه، إنّه شيء تكتشفه في داخلك. أسلوبي غريزي، ويجب أن يكون دائماً طبيعياً. الأمر لا يتعلّق بالراحة والأمان فحسب، بل بالثقة بالنفس. عندما تحمل معك هذه الثقة، يصبح كلّ ما ترتديه ملكاً لكَ.

لو كان بإمكانك كسر قاعدة واحدة في هذه الصناعة من خلال مجموعتك/مشروعك القادم، فماذا عساها ستكون؟
أعتقد أنّ القواعد اليوم غير واضحة بالفعل، فهناك القليل جداً مما لا يمكنك فعله أو لن تفعله. إن كانت القاعدة الذهبية لهذه الصناعة هي التسويق، فلنوسّعها. دعونا نذكّر الناس بأهمية الشراء بشكلٍ أقل والاستهلاك بشكلٍ أفضل. كما أعلم أنّ الموضة لا يمكن تصنيفها؛ ففي النهاية، صُمّمت للراحة والتعبير عن الذات، ويمكن للجميع ارتداؤها كلٌّ على طريقته الخاصة. والأهم من ذلك، ليست هناك حاجة لإنتاج المزيد ـ ما يهمّ هو ابتكار ملابس أفضل، وتصاميم أقوى، وحرفية راقية. ومن هذا المنطلق، أعتقد أيضاً أنّ نهج “انظر الآن، اشترِ الآن” يجب أن يصبح المعيار لأنّ الموضة والأفكار تتغيّر بسرعة، وما أصنعه اليوم مخصّص للآن وأكثر ربما، ولكن ليس للعام المقبل.
أخبرنا عن روتينك اليومي ـ ما هي الطقوس أو العادات التي تُبقيك هادئاً وفي أفضل حالاتك لأفضل أداء؟
أحبّ الاستيقاظ باكراً قدر الإمكان، والنوم متأخراً قدر الإمكان. أعلم أنّ عملي يستنزف كلّ طاقتي، لذا أحتاج إلى تلك الساعات الهادئة مع نفسي لأبقى مركّزاً. ولكن عندما ينتهي اليوم، أستعيد نشاطي بالتواجد مع من أحبّ. أستمتع بالطهي لهم، وتبادل الأحاديث الطويلة، والضحك، أو حتى مشاهدة فيلم معاً. دائرتي صغيرة، لكنّها تتكوّن من أشخاص يهتمون بي حقاً، وأنا ممتنّ لذلك. إنّهم يُبقونني هادئاً، ويُذكّرونني لماذا أفعل ما أفعله. العناية بالبشرة مهمة جداً أيضاً!

عندما لا تكون مشغولاً، أين يُمكننا أن نجدك ـ وجهة سفرك المُفضّلة، أو مكانك المُفضّل، أو مشروعك المُفضّل؟
يعتمد الأمر على مكان وجودي، فلا يُمكنني البقاء طويلاً في مكانٍ واحد. في باريس، عندما لا أكون مشغولاً، ستجدني في متحف أو على شرفة، سواء كان الجو مُمطراً أو مُشرقاً. في بيروت، أقضي وقتاً مع عائلتي، وأحتفل مع أصدقائي، أو أستكشف مع كلابي. مرةً كلّ عام، أستعيد نشاطي في إيبيزا، مكانٌ عزيزٌ على قلبي.
بالنظر إلى المستقبل، ما هي خطوتك التالية؟ ما هي تطلّعاتك الكبيرة التي تتوق لتحقيقها؟
رؤيتي تتمحور حول النمو. نموٌّ لنفسي، ولفريقي، وللعلامة التجارية. أنا متحمّسٌ لهذه الرحلة، لأنّ مساري وهدفي يزدادان وضوحاً يوماً بعد يوم. الثابت الوحيد في حياتي هو تفانيي في حرفتي وقيمي، ومع تقدّمي، أتوق لمواصلة صقل أفكاري، وذكرياتي، ورسوماتي. أريد أن أصمّم وأُمكّن أكبر عدد ممكن من الناس، وأن أرتقي بعملي باستمرار، وأُحسّنه، وأدفعه إلى الأمام. أطمح إلى مواصلة تطوير نفسي، ليس فقط كمبدع، بل أيضاً كصديق، وأخ، وابن، وإنسان. أريد إتقان فنّ الإبداع والتواصل، واستخدامه لبناء مجتمع يشعر فيه الناس بالإلهام والتمكين.




