يتردّد اسم جيف بيزوس اليوم في كلّ زاوية من زوايا الاقتصاد العالمي. يظهر في الأخبار ليس فقط كمُؤسّس لأمازون، بل أيضًا كرجل أعمال يتّخذ خطوات لافتة في عالم الاستثمار. في الفترة الأخيرة، لاحظتَ بالتأكيد ضجّة إعلامية تدور حول احتمال بيع بيزوس لحصة كبيرة من أسهمه في الشركة. فهل فعلًا قرّر التخلّي عن جزء من إرثه؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه خطوة محسوبة ضمن خطّة مالية ذكية؟
في هذا المقال، نشرح لك الصورة كاملة كي لا تبقى عالقًا بين الشائعات والواقع.
١- مستندات رسمية تؤكّد
أظهرت وثائق تنظيمية أمريكية أن جيف بيزوس يستعد بالفعل لبيع ما يصل إلى 25 مليون سهم من أسهمه في أمازون خلال عام واحد، بقيمة تُقدَّر بحوالى 4,75 مليار دولار. الملفت أنّ خطة البيع تمت جدولتها مسبقًا، وتمتد حتى 29 أيار 2026، أي أن كل شيء يسير ضمن قواعد مدروسة وليست خطوة عشوائية أو نتيجة أزمة.
٢- لماذا يبيع رغم ارتفاع ثروته؟
قد تتساءل: كيف يواصل جيف بيزوس بيع الأسهم بينما تزداد ثروته وتُحقق أمازون أرباحًا قياسية؟ في الحقيقة، بيزوس ليس جديدًا على هذه الخطوات، فقد باع العام الماضي أسهمًا بقيمة 13,4 مليار دولار. هذه الاستراتيجية تساعده على تنويع استثماراته وتوزيع ثروته في مجالات متعدّدة بدل أن تُقيَّد داخل سهم واحد، مهما كان ناجحًا.

٣- أرباح أمازون لا تمنعه
أعلنت أمازون عن أرباح بلغت 17,1 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025، مع زيادة في الإيرادات بنسبة ٩٪. ورغم ذلك، سجّلت الأسهم تراجعًا بعد الإغلاق، ما يُظهر أن السوق لا يُكافئ دائمًا الأداء المالي وحده. هنا يبرز ذكاء جيف بيزوس في توقيت البيع، إذ يعلم تمامًا متى يحافظ على الربح ويقلّل المخاطر.
٤- ماذا يفعل بيزوس بهذه الأموال؟
بيزوس لا يكتفي بمراقبة الأرقام. بل اختار أن يوسّع رؤيته نحو الفضاء والعقارات الفاخرة. استثمر ملياراته في “بلو أوريجن”، شركته المختصة بالسياحة الفضائية، واشترى عقارات بملايين الدولارات، مثل قصر في بيفرلي هيلز وشقة فاخرة في نيويورك. بهذه الخطوات، يخلق لنفسه مستقبلًا أبعد من أمازون.
٥- هل هي مجرّد إشاعة؟
لا، ليست إشاعة. عملية بيع الأسهم حقيقية، وموثّقة، ومخطَّط لها. لكن لا داعي للقلق. لا يعني ذلك أن بيزوس يتخلّى عن أمازون كليًا. بل يتّخذ خطوات تُناسب استراتيجيته الشخصية بعيدًا عن الضغوط الإعلامية.
في النهاية، لا يمكن أن تُفسّر قرارات جيف بيزوس بعين العاطفة فقط. الرجل يُفكّر كمستثمر بعيد النظر، لا كمجرد مالك لشركة واحدة. إن كنتَ تنظر إلى بيعه للأسهم كضعف أو تراجع، فأنتَ تُخطئ التقدير. ما يفعله بيزوس هو ترجمة حقيقيّة لعقليّة استثماريّة تُفكّر في المستقبل، لا في اللحظة الراهنة.