في خطوة لم تخطر ببال أحد، أعلن وارن بافيت تنحّيه عن قيادة شركة بيركشاير هاثاواي، بعد عقود من التفوّق في عالم الاستثمار. رغم أن عمره البالغ 94 عامًا كان دومًا جزءًا من الحديث، إلا أن الإعلان المفاجئ في الاجتماع السنوي للمساهمين هزّ قلوب كل من تابع مسيرته.
لكنّ المفاجأة لم تكن فقط في التنحّي، بل في توقيته، وصراحته المؤثرة عن أسباب القرار، وحتى في تفاصيل التسليم غير المتوقّع للقيادة. في هذا المقال، نضع بين يديك تحليلًا لما حدث، وخلفيات القرار، والتحديات المقبلة لخليفته، إضافةً إلى تفاصيل قد تُغيّر نظرتك لوارن بافيت نفسه.
١- وارن بافيت يتحدّث بصدق
صرّح وارن بافيت، بصوته الهادئ والمعتاد، بأنّ التقدّم في العمر هو ما دفعه إلى اتّخاذ هذا القرار. لم يُخفِ شعوره بالضعف حين قال: “بدأت أشعر أنني أشيخ منذ بلغت التسعين، وها قد أصبح ذلك واضحًا في حياتي اليومية”. والصراحة هنا ليست ضعفًا، بل قمة القوة.
وأضاف أن مواقف بسيطة كفقدان التوازن أو نسيان الأسماء جعلته يدرك أن الوقت حان لتسليم الشعلة.
٢- خليفة بافيت: بداية جديدة أم مغامرة؟
اختار وارن بافيت جريج أبل ليكون الرئيس التنفيذي الجديد، مؤكّدًا أنه الأنسب لقيادة المرحلة المقبلة. لكنّك كمتابع لا بد أنك تسأل: هل يملك أبل الكفاءة الكاملة؟ وخصوصًا أنه لم يكن مسؤولًا عن إدارة قطاعات أساسية كالتأمين وتوزيع السيولة؟
رغم ذلك، دعم بافيت أبل بشكلٍ مطلق، بل وصف استمرار بقائه في القيادة بأنه سيكون “ظلمًا” له. لذا، فقد كان أمام قرار استثنائي، يحمل ثقة كبيرة ومخاطرة لا يُستهان بها.

٣- هل انتهت حقبة بافيت؟
رغم تنحيه، لم يخرج وارن بافيت من المشهد كليًا. أكّد أنّه سيبقى نشطًا داخل الشركة، قائلًا: “ما زلت أذهب إلى المكتب يوميًا وأعمل مع من أحب”. يبدو أن الرجل لا يستطيع العيش بعيدًا عن عالمه، ولا يمكنك لومه على ذلك.
لكنّه اعترف بشيء لافت: “ظننت أنني سأبقى طالما أنا الأصلح، لكن الواقع تغيّر”. بهذه الكلمات، أنهى بافيت مرحلةً من التاريخ، وفتح صفحةً جديدة لعصر بيركشاير ما بعده.
٤- لحظة وداع لا تُنسى
لم يسمح وارن بافيت بطرح أي أسئلة حول قرار التنحي، بل اختتم الاجتماع السنوي بجملة مفاجئة، تاركًا الحاضرين في صمت تلاه تصفيق حارّ وقوفًا. كان المشهد مؤثّرًا، لا سيّما وأن بافيت أبلغ ولديه فقط، ولم يُخبر حتى خليفته بالقرار مسبقًا.
في الختام، لا يُعَدّ تنحي وارن بافيت مجرّد تغيير إداري في شركة، بل هو لحظة مفصلية في تاريخ الاقتصاد العالمي. لقد أدار بيركشاير هاثاواي بحكمة جعلت منه أسطورة، وعندما شعر أن الوقت حان للرحيل، فعلها بشجاعة.