التهاب العضلات هو حالة مناعية مزمنة تُصنّف ضمن الاعتلالات العضلية الالتهابية، وتتميّز بضعف تدريجي في العضلات قد يُعيق الحركة ويؤثر على جودة الحياة. تختلف أنواعه في الشكل والأعراض، وقد يُصيب العضلات فقط أو يمتد إلى الجلد والرئتين والمفاصل. هذا المقال يُسلّط الضوء على أبرز أنواع التهاب العضلات، ويُقدّم شرحًا مبسّطًا لأسبابها، أعراضها، وطرق التعامل معها طبيًا.
أنواع التهاب العضلات
التهاب العضلات المتعدد (Polymyositis)
يُصيب البالغين في منتصف العمر، ويتميّز بضعف عضلي متناظر في الأطراف القريبة من الجذع. يتطوّر تدريجيًا، وغالبًا ما يُرافقه إرهاق عام دون ألم شديد. يُعد من الأنواع الشائعة، ويرتبط باضطرابات مناعية أخرى.
التهاب الجلد والعضلات (Dermatomyositis)
يُصيب الأطفال والبالغين، ويُظهر طفحًا جلديًا مميزًا إلى جانب ضعف العضلات. الطفح قد يظهر حول العينين أو على اليدين، ويُرافقه التهاب عضلي مشابه لما يحدث في التهاب العضلات المتعدد.

التهاب العضلات الشامل (Inclusion Body Myositis)
يُصيب الأشخاص فوق سن الأربعين، ويتطوّر ببطء على مدى سنوات. يُؤثر على العضلات القريبة والبعيدة، ويُسبب صعوبة في المشي أو حمل الأشياء. لا يستجيب جيدًا للعلاج المناعي، ويُعد من الحالات المزمنة.
التهاب العضلات النخري المناعي (Necrotizing Autoimmune Myopathy)
يتميّز بضعف عضلي حاد وسريع التطوّر، مع ارتفاع كبير في إنزيمات العضلات. يُصيب العضلات فقط دون أعراض جلدية، ويُرتبط بوجود أجسام مضادة محددة في الدم.
متلازمة مضاد السينثيتاز (Antisynthetase Syndrome)
نوع خاص من التهاب العضلات يُرافقه التهاب رئوي، التهاب مفاصل، وظواهر جلدية مثل “أيدي الميكانيكي”. يُرتبط بأجسام مضادة معينة، ويُصيب النساء أكثر من الرجال.

الأسباب
السبب الرئيسي هو خلل في الجهاز المناعي، حيث تُهاجم خلايا الدم البيضاء ألياف العضلات عن طريق الخطأ. قد تلعب العوامل الوراثية دورًا في زيادة القابلية للإصابة، كما تُحفّز بعض الفيروسات أو الأدوية ظهور الحالة. في بعض الحالات، يُرتبط التهاب العضلات بوجود أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة أو تصلّب الجلد، أو حتى بعض أنواع السرطان.
الأعراض
- ضعف عضلي تدريجي، خاصة في الأطراف القريبة من الجذع
- صعوبة في أداء المهام اليومية مثل صعود السلالم أو رفع الذراعين
- طفح جلدي مميز في حالات التهاب الجلد والعضلات
- ألم عضلي في بعض الحالات، خاصة عند الأطفال
- التهاب مفاصل أو رئتين في الأنواع المرتبطة بأجسام مضادة
- صعوبة في البلع أو التنفس في الحالات المتقدّمة
- إرهاق عام وفقدان وزن في فترات النشاط المرضي
طرق التشخيص
يتطلب تشخيص التهاب العضلات مجموعة من الفحوصات السريرية والمخبرية التي تُساعد في تحديد نوع الالتهاب واستبعاد الأسباب الأخرى. كما تُستخدم اختبارات الأجسام المضادة لتحديد ما إذا كانت الحالة مرتبطة باضطرابات مناعية معينة، مثل متلازمة مضاد السينثيتاز أو التهاب العضلات النخري.
إلى جانب الفحوصات المخبرية، يُلجأ إلى التصوير بالرنين المغناطيسي أو الموجات فوق الصوتية للكشف عن مناطق الالتهاب داخل الأنسجة العضلية، مما يُساعد في توجيه الخزعة العضلية بدقة. كما يُستخدم تخطيط كهربائي للعضلات والأعصاب لتقييم النشاط الكهربائي داخل الألياف العضلية، مما يُساعد في التمييز بين الالتهاب العضلي وأمراض الأعصاب أو التصلب العضلي. في بعض الحالات، خاصة عند وجود أعراض جلدية، تُجرى خزعة جلدية لتأكيد التشخيص وتحديد نوع المرض بدقة.
هذه الفحوصات مجتمعة تُشكّل أساسًا لتشخيص دقيق يُمكّن الطبيب من اختيار العلاج الأنسب ومتابعة تطوّر الحالة بشكل فعّال.

العلاج
لا يوجد علاج نهائي، لكن يمكن السيطرة على الأعراض وتحسين جودة الحياة من خلال:
- أدوية مناعية مثل الكورتيزون ومثبطات المناعة
- العلاج الفيزيائي للحفاظ على قوة العضلات والمرونة
- الراحة والتغذية السليمة لدعم الجسم في مواجهة الالتهاب
- المراقبة المستمرة لتعديل العلاج حسب تطوّر الحالة
- العلاج البيولوجي أو الغلوبولين المناعي الوريدي في الحالات المقاومة
في بعض الأنواع مثل التهاب العضلات الشامل، لا تُجدي الأدوية نفعًا، ويُعتمد على التأهيل الوظيفي والدعم الحركي.



