كيف تؤثر قلة النوم على عينيك؟

يُعد النوم العميق في الليل من أهم العمليات الحيوية التي يحتاجها الجسم لإعادة التوازن والتعافي، ولا يقتصر تأثيره الإيجابي على الدماغ والعضلات فحسب، بل يمتد ليشمل صحة العينين وسلامتهما. في بيئة العمل والدراسة المعاصرة ذات الكثافة العالية واعتمادها المفرط على الأجهزة الرقمية، أصبح النوم لأقل من 6 ساعات يومياً أمراً شائعاً، إلا أن هذا الإهمال يترك آثاراً مباشرة ومدمرة على العضو الأكثر حساسية لدينا. تؤثر قلة النوم المطولة بشكل مباشر على العينين، مسببة الجفاف والإرهاق وتشوش الرؤية الليلية. إن فهم هذه التأثيرات، سواء كانت فورية أو تراكمية، هو الخطوة الأولى نحو حماية نعمة البصر وضمان استدامة وضوحه.

التأثيرات الفورية لنقص النوم على العينين

يؤدي نقص النوم إلى ظهور علامات واضحة وفورية تُنبئ بإرهاق العينين وعدم كفاية الراحة، وتشمل ما يلي:

  1. الجفاف والاحمرار: غالباً ما تؤدي قلة النوم إلى جفاف واحمرار العينين نتيجة انخفاض إفراز الدموع، مما ينتج عنه شعور مستمر بالحرقة أو الخشونة، وعدم استقرار في نوعية الطبقة الدمعية التي تغطي العين.
  2. التورم والهالات السوداء: يعاني الكثيرون من تورم الجفون وظهور هالات سوداء حول العينين، ويحدث ذلك بسبب ضعف الدورة الدموية في منطقة محيط العين، مما يجعلها تبدو غائرة وأكثر دكنة.
  3. تشوش الرؤية المؤقت: قد تصبح الرؤية ضبابية بشكل مؤقت بسبب خلل في وظيفة التكيف، مما يجعل من الصعب على العينين التركيز بين المسافات القريبة والبعيدة، وغالباً ما يترافق ذلك مع:
  4. الحساسية للضوء (الوهج): عند التعرض لأضواء السيارات الأمامية أو شاشات الأجهزة الرقمية ليلاً، تزداد الحساسية للضوء، مما يسبب الوهج وعدم الارتياح.

إذا لم تُعالج هذه الأعراض بالراحة المناسبة، واستخدام الدموع الاصطناعية، وتعديل إضاءة مكان العمل، فإنها قد تصبح دائمة وتؤدي إلى تأثيرات سلبية طويلة الأمد على صحة العين.

الآثار طويلة الأمد للحرمان المزمن من النوم

يتجاوز تأثير الحرمان المزمن من النوم (نقص النوم المستمر) الأعراض السطحية ليصبح خطراً حقيقياً يهدد صحة الشبكية وتطور الأمراض، ومن أبرز هذه الآثار التراكمية:

  • جفاف العين المزمن: يؤدي إلى عدم استقرار الطبقة الدمعية والشعور المستمر بالحرقة والخشونة، مما يقلل من كفاءة العمل أمام الشاشات لفترات طويلة.
  • تفاقم خلل وظيفة التكيف: يتسبب في إجهاد سريع للعين عند القراءة أو الدراسة أو العمل القريب، مع تشوش متقلب في الرؤية وانخفاض في القدرة على التركيز.
  • زيادة خطر تلف الشبكية: يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى العين مع مرور الوقت إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات بقعية (Macular Disorders) لدى الفئات المعرضة للإصابة.
  • تفاقم قصر النظر لدى الأطفال: ترتبط عادات السهر وقلة النوم وقلة النشاط الخارجي بتسارع وتيرة تفاقم قصر النظر لدى الأطفال والمراهقين.
  • تأخر الشفاء بعد الجراحة: بعد العمليات الجراحية الانكسارية (مثل الليزك أو غيرها)، يدعم النوم الجيد عملية التعافي، في حين أن قلة النوم قد تُطيل فترة الشفاء.

ملاحظة: تكون هذه الآثار أكثر حدة لدى مرتدي العدسات اللاصقة وكبار السن أو العاملين في الورديات الليلية.

الفئات الأكثر تأثراً وقلة النوم

تتعرض مجموعات محددة من الأشخاص لخطر أكبر بسبب نمط حياتهم الذي يتعارض مع النوم الكافي:

  • العاملون في الورديات الليلية وخبراء تقنية المعلومات: يتعرضون لإجهاد بصري من الشاشات الزرقاء لفترات طويلة، إلى جانب اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية لديهم.
  • الطلاب خلال فترات الامتحانات: يزداد لديهم إجهاد العين وجفافها، وقد يتسارع تفاقم قصر النظر لديهم.
  • كبار السن: يؤدي سوء نوعية النوم لديهم إلى تسريع شيخوخة العين وتقليل جودة الدموع.
  • مرتدي العدسات اللاصقة: تزيد قلة النوم لديهم من خطر التهيج والتهاب القرنية في حال عدم الالتزام بالنظافة الكافية.

حلول رعاية العينين عند الاضطرار للسهر

عندما يكون السهر ضرورياً، يمكن اتباع مجموعة من النصائح الفعالة للحد من تأثيره السلبي على العينين:

  1. قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظر إلى مسافة 20 قدماً (حوالي 6 أمتار) لمدة 20 ثانية، لتقليل إجهاد عضلات العين وتخفيف التعب.
  2. الترطيب والتغذية: شرب ما لا يقل عن 1.5–2 لتر من الماء يومياً، والاعتماد على نظام غذائي غني بـ أوميغا-3 (الموجودة في السلمون وبذور الكتان)، فيتامين أ، اللوتين، والزياكسانثين، لتحسين جودة الطبقة الدمعية وحماية الشبكية.
  3. الدموع الاصطناعية ونظافة الجفن: استخدام الدموع الاصطناعية (ويُفضل الخالية من المواد الحافظة عند الاستخدام المتكرر) لتجنب تهيج القرنية. يمكن دمج ذلك مع علاج نظافة الجفون (كمادات دافئة، تدليك الجفن) لتحسين وظيفة الغدد الميبومية.
  4. تقليل وقت الشاشة: إيقاف تشغيل الأجهزة قبل 30 دقيقة على الأقل من النوم، وتفعيل وضع الضوء الأصفر (“الوضع الليلي”)، وتجنب القراءة في الغرف المظلمة التي تسبب إجهاداً لبؤبؤ العين.
  5. فحص العين الدوري: تحديد مواعيد لفحص العين كل 6 إلى 12 شهراً على الأقل للكشف المبكر عن جفاف العين أو قصر النظر المتفاقم أو مضاعفات الشبكية، خاصة لمستخدمي الشاشات بكثرة.
  6. تحسين مساحة العمل: الحفاظ على مستوى الرطوبة بين 40–60%، وتجنب تدفق الهواء المباشر من المكيف إلى العينين، ووضع الشاشات بمقدار 10–15 درجة تحت مستوى العين لتقليل الجفاف.
  7. النوم الكافي: ضمان 7-8 ساعات من النوم يومياً يساعد العينين على تجديد الطبقة الدمعية واستعادة وظيفة الشبكية بفعالية أكبر.

متى يجب استشارة الطبيب؟

يجب زيارة طبيب العيون فوراً عندما تستمر أعراض العين ولا تتحسن بأساليب الرعاية الأساسية، خاصة في الحالات التالية:

  • احمرار وتهيج وجفاف العينين رغم استخدام الدموع الاصطناعية.
  • تشوش الرؤية الليلية الذي يجعل القيادة صعبة أو الشعور المتكرر بالوهج.
  • المعاناة من الألم، أو الحساسية للضوء، أو الدمع المفرط.
  • بالنسبة للأطفال، تفاقم قصر النظر السريع المصحوب بعادات السهر المتأخرة هو سبب قوي لإجراء فحوصات مبكرة.

ختاماً: إن نقص النوم يترك بصمات فورية ومتراكمة على صحة العينين، تتراوح بين الجفاف والإرهاق وحتى تفاقم حالات الشبكية وتسارع قصر النظر لدى الأطفال. لحماية عينيك، يجب الالتزام بمدة النوم الكافية، تحسين عادات استخدام الشاشة والتغذية المناسبة، والحرص على إجراء فحوصات منتظمة للحصول على العلاج المناسب وفي الوقت المناسب من المختصين.

شارك على:
استكشاف تراث وثقافة بلدك خلال عطلة الأعياد

رحلة إلى الجذور تعيد اكتشاف هوية الوطن.

متابعة القراءة
بين التصميم والإرث: كيف كتبت Bvlgari فصولها في صناعة الساعات الراقية

في موسم تتكثف فيه معاني الاحتفال، والضوء، والروابط الإنسانية، تواصل…

متابعة القراءة
لم تسرقهم الشهرة من الملاعب صدفة.. كيف قادت كرة القدم نجومًا عربًا إلى التمثيل؟

حين أعاد الفن كتابة حلم الكرة..

متابعة القراءة