في عصر الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة أساسية لتبادل المعلومات والتواصل بين الأفراد، إلا أن انتشار المعلومات المضللة أصبح ظاهرة تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية للمستخدمين. فحين تتعرض العقول لموجات من الأخبار الكاذبة أو المفاهيم الخاطئة، يزداد الشعور بالقلق، والخوف، وفقدان الثقة، مما يهدد توازن الصحة النفسية.
يتزايد الحديث عن ضرورة فهم هذا التأثير السلبي وكيفية التصدي له، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على الشبكات الرقمية كمصدر رئيسي للمعلومات. في هذا المقال، نستعرض مدى خطورة المعلومات المضللة على الصحة العقلية، وكيف يمكن للمجتمع والأفراد التعامل مع هذه الظاهرة بشكل يخفف من آثارها الضارة.
كيف تؤثر المعلومات المضللة على الصحة النفسية
تُعد المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي من أخطر الظواهر التي تهدد الصحة العقلية، حيث تخلق حالة من الالتباس والقلق المستمرَّين لدى المستخدمين. عندما يتعرض الأفراد لمعلومات غير موثوقة أو مضللة، يشعرون بعدم اليقين حيال ما يحدث حولهم، مما ينعكس على مستوى ثقتهم بأنفسهم وبمحيطهم. يؤدي هذا إلى اضطرابات في المزاج، وزيادة مستويات التوتر، وأحيانًا الإصابة بالاكتئاب، خاصةً عندما تتكرر الأخبار السلبية أو التنمّر الإلكتروني المرتبط بالمعلومات المغلوطة.
كما أن الاستمرار في تصفح الأخبار المضللة يساهم في تعزيز الشعور بعدم الاستقرار، ويُضعف القدرة على التركيز، ويزيد من القلق من اتخاذ القرارات الصحيحة، مما يضر بالتوازن النفسي ويقلل من جودة الحياة.

أسباب انتشار المعلومات المضللة وتأثيرها
تتنوع أسباب انتشار المعلومات المضللة، منها خوارزميات التفاعل التي تروج للمحتوى الأكثر إثارة أو الجدل، بالإضافة إلى نقص الوعي بين المستخدمين حول مصادر المعلومات الموثوقة. ويُعد انتشار الأخبار المزيفة وسيلةً لنشر الخوف والذعر، خاصةً في أوقات الأزمات أو عند ظهور مواضيع حساسة، مثل الصحة أو السياسة.
تأثير هذه المعلومات يمتد ليشمل اضطرابات النوم، القلق المستمر، وتراجع الثقة بالذات، ما يترك أثرًا سلبيًا على الصحة النفسية، ويجعل الأفراد أكثر عرضةً للاكتئاب والانعزال
كيف يمكن الوقاية من آثار المعلومات المضللة على الصحة العقلية
للتخفيف من الآثار السلبية للمعلومات المضللة، ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات عدة، منها:
- التحقق من مصادر المعلومات قبل تصديقها أو مشاركتها، والاعتماد على المصادر الموثوقة والمعتمدة.
- تقليل مدة التصفح على وسائل التواصل الاجتماعي، وتخصيص وقت لممارسة أنشطة ترفيهية وتقوية العلاقات الاجتماعية الواقعية.
- تنمية الوعي الرقمي، وتعلم كيفية التعرف على الأخبار المزيفة والخطابات التحريضية.
- طلب الدعم النفسي عند الشعور بالقلق أو الاكتئاب الناتج عن تعرضه لمعلومات مضللة، وعدم التردد في استشارة مختص نفسي.
- تعزيز الشعور بالثقة والرضا من خلال ممارسة أنشطة ترفع من تقدير الذات، مثل الرياضة، والتأمل، والهوايات.

أهمية التوعية والتثقيف الصحي النفسي
تُبرز الحاجة الماسة إلى برامج توعوية وتثقيفية تركز على كيفية التعامل مع المعلومات المضللة وتأثيرها على الصحة النفسية. من خلال التوعية، يمكن للأفراد أن يكتسبوا أدوات تساعدهم على التصدي للأخبار الكاذبة، وتقليل تأثيرها السلبي على توازنهم النفسي، كما يمكن للمؤسسات أن تلعب دورًا فعالًا في نشر الوعي حول مسؤولية كل فرد في حماية مجتمعه من تداعيات المعلومات المغلوطة التي تهدد استقرار الصحة النفسية.



