في عالم الساعات، لا يكمن السحر فقط في التصميم الخارجي أو المواد الفاخرة، بل في قلبها النابض: حركة الساعات. فحركة الساعة ليست مجرد آلية لقياس الوقت، بل هي ما يمنح الساعة روحها، وشخصيتها، ودقتها. لهذا، فإن فهم أنواع الحركات المختلفة يُعد من أساسيات كل رجل شغوف بعالم الساعات.
ما المقصود بحركة الساعة؟
الحركة أو ما يُعرف بالـ Movement هي المحرك الداخلي الذي يُشغّل الساعة، أي النظام الميكانيكي أو الإلكتروني الذي ينظّم مرور الوقت ويحرّك العقارب أو يعرض الوقت رقميًا. تمامًا كما يحتاج القلب إلى النبض ليبقي الجسد حيًا، تحتاج الساعة إلى هذه الحركة لتعمل، وتتنوع هذه الحركات بين الميكانيكية والكوارتز، ولكل منها عالم مستقل من التعقيد والدقة.
الحركات الميكانيكية: فن الصنعة المتقنة
تُعد الحركات الميكانيكية الخيار المفضّل لعشّاق الحرفية والتقاليد. تعمل هذه الحركات من دون بطاريات، وتعتمد على نابض رئيسي يُلفّ يدويًا أو عبر حركة المعصم.

الحركات اليدوية (Manual)
في هذا النوع، يجب على المستخدم أن يلفّ النابض الرئيسي يدويًا كل فترة، لضمان استمرار عمل الساعة. وقد يتطلّب ذلك تدوير التاج مرة كل يومين أو ثلاثة حسب احتياج الساعة. ما يميّز هذه الساعات هو الإحساس بالتفاعل اليدوي مع الساعة، والشعور بالاتصال الحقيقي مع الحرفة. لكن بالمقابل، تحتاج إلى انضباط في الالتزام بلفّها يدويًا، وإلا ستتوقف عن العمل.

الحركات الأوتوماتيكية (Automatic)
هي تطوّر للحركة اليدوية، حيث تحتوي على دوّار داخلي يدور مع حركة المعصم ليقوم بلفّ النابض تلقائيًا. إنها الخيار الأمثل للرجل العصري الذي لا يريد القلق بشأن تعبئة ساعته كل يوم. ومع ارتداء منتظم، تبقى الساعة تعمل دون الحاجة لأي تدخّل يدوي. لكن إذا توقفت عن ارتدائها لفترة طويلة، ستحتاج إلى تعبئتها مجددًا يدويًا أو باستخدام جهاز Winder.
حركة الكوارتز: دقة بلا تعقيد
ظهر الكوارتز في سبعينيات القرن الماضي كثورة في عالم الساعات، وهو يعتمد على بطارية صغيرة تمرّر تيارًا كهربائيًا في بلورة كوارتز، ما يؤدي إلى ذبذبات دقيقة للغاية. هذه الذبذبات هي ما يُنظّم حركة العقارب، بدقة تصل إلى ±15 ثانية في الشهر، وهو مستوى لا يمكن للساعات الميكانيكية أن تضاهيه.
بالرغم من أن ساعات الكوارتز لا تملك الحرفة اليدوية نفسها التي تتميز بها الميكانيكية، إلا أنها أكثر عملية، وأقل تكلفة، ولا تحتاج إلى صيانة معقّدة. وهي مثالية للرجل الذي يريد دقة عالية من دون الالتزام بالصيانة الدورية أو القلق بشأن التوقف المفاجئ.

كيف تختار الحركة الأنسب لك؟
القرار يعتمد على شخصيتك واهتماماتك. إن كنت من محبي التفاصيل والحرفية اليدوية وتقدّر الميكانيكا الدقيقة، فالحركة الميكانيكية اليدوية أو الأوتوماتيكية ستكون مثالية لك. أما إذا كنت تفضّل البساطة والدقة، ولا تريد التفكير في تعبئة الساعة، فساعة الكوارتز ستمنحك ما تبحث عنه.
لا تنسَ أيضًا أن حركة الساعة تلعب دورًا كبيرًا في تحديد سعرها، فالساعات الأوتوماتيكية ذات التصنيع المعقّد عادةً ما تكون أغلى بكثير من نظيراتها التي تعمل بالبطارية.
في النهاية: اختيارك لحركة الساعة ليس مجرد قرار تقني، بل هو انعكاس لذوقك وشغفك وتفاصيل حياتك اليومية. سواء اخترت الحرفية الكلاسيكية أو الراحة الحديثة، تذكّر أن قلب ساعتك يقول الكثير عنك.